الخميس، 13 يوليو 2017

العقل البشري ودوره في عمليات الاستنباط الشرعي




ان القران الكريم لا يذكر العقل الا في مقام التعظيم والتنبيه الى وجوب العمل به والرجوع اليه ولا تاتي الاشارة اليه عارضة ولا مقتضبة في سياق الاية بل هي تاتي في كل موضع من مواضيعها مؤكدة جازمة باللفظ والدلالة وتتكرر في كل معرض من معارض الامر والنهي التي يحث فيها المؤمن على تحكيم عقله او يلام فيها المنكر على اهمال عقله وقبول الحجر عليه


ففي سورة ال عمران اية 190 قال تعالى ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ))

وفي سورة المؤمنون اية 80 قال تعالى ((وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ))

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: لما خلق الله العقل، استنطقه ثم قال له: أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك ولا أكملتك إلا فيمن احب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهى وإياك اعاقب، وإياك اثيب.
وعن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: صديق كل امرء عقله، وعدوه جهله.
وقد جاء في علم الاصول بانه هل يمكن يمكن استخدام الادراك العقلي كوسيلة للاثبات مهما كان مصدره ومهما كانت درجته ،او لا يجوز استخدام الادراك العقلي كوسيلة للاثبات الا ضمن حدود معينة من ناحية المصدر او الدرجة .
وقد اتجه البحث حول هذه النقطة نحو معالجة الدرجة اكثر من اتجاههه نحو معالجة المصدر فاتسعت الدراسات الاصولية التي تناولت حدود العقل من ناحية الدرجة واختلفت الاتجاهات حول مدى شمول العقل وحدوده – بوصفه وسيلة اثبات رئيسية – فهل يشمل الادركات الناقصة التي تؤدي الى مجرد الترجيح او يختص بالادراك الكامل المنتج للجزن ؟
ولهذا البحث تاريخه الزاخر في علم الاصول وفي تاريخ الفكر الفقهي كما سنرى .
الاتجاهات المتعارضة في الادراك العقلي
وقد شهد تاريخ التفكير الفقهي اتجاهين متعارضين في هذه النقطة كل التعارض يدعو احدهما الى اتخاذ العقل في نطاقه الواسع الذي يشمل الادراكات الناقصة وسيلة رئيسية للاثبات في مختلف المجالات التي يمارسها الاصولي والفقيه .
والاخر يشجب العقل ويجرده اطلاقا عن وصفه وسيلة رئيسية للاثبات ويعتبر البيان الشرعي هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن استخدامها في عمليات الاستنباط .
ويقف بين هذين الاتجاهين المتطرفين اتجاه ثالث معتدل يتمثل في جل فقهاء مدرسة اهل البيت عليهم السلام وهو الاتجاه الذي يؤمن – خلافا للاتجاه الثاني –بأن العقل او الادراك العقلي وسيلة رئيسية صالحة للاثبات الى صف البيان الشرعي ولكن لا في نطاق منفتح –كما زعمه الاتجاه الاول – بل ضمن النطاق الذي تتوفر فيه للانسان القناعة التامة والادراك الكامل الذي لا يوجد في مقابله احتمال الخطا فكل ادراك عقلي يدخل ضمن هذا النطاق ويستبطن الجزم الكامل فهو وسيلة اثبات واما الادراك العقلي الناقص الذي يقوم على اساس الترجيح ولا يتوفر فيه عنصر الجزم فلا يصلح وسيلة اثبات لاي عنصر من عناصر عملية الاستنباط .
فالعقل في راي الاتجاه الثالث اداة صالحة للمعرفة
اما الاتجاه الثاني المحدثين الاخباريين من علماء الشيعة الذي شجبوا العقل وادعوا ان البيان الشرعي هو الوسيلة الوحيدة التي يجوز استخدامها للاثبات .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق